لطالما وجدت ان هذا هو الجانب الأصعب من المرض . لا أقلل من تعب الأعراض الجسدية لكني اعتقد بأن المواجهة الحتمية للمرء مع نفسه في الأيام التي تجبره الظروف فيها علي ذلك ، هي الجانب الأصعب من المرض .
يطالبني جسمي بالنوم ، حسنا ، أمر جيد
فالنوم يهدئ عقلي قليلا ..
ثم يتنبه عقلي .. و ما ادراك ما معني انتباهه !
تارة يفكر في مخاوف قادمة ، و ما أبرعه علي تخيل سيناريوهات مستقبلية و يبنيها الواحد فوق الآخر حتي تحيط عقلي بسياج اسود عالٍ و يغرقني في رثاء النفس و القلق …
صوت رقيق يهمس بداخلي: "لا تهتموا بشئ ، بل في كل شئ بالصلاة و الدعاء مع الشكر لتعلم طلباتكم لدي الله . و سلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم و أفكاركم في المسيح يسوع "
و نور رقيق يتسلل ذلك السياج و يبدده تدريجيا كلما وجهت نظري نحو النور ، و ليس السياج …
لانت ملامح وجهي قليلا و ارتسمت علامات ارتياح بعد ان كان متجهما ..
و
بينما انا في سكوني هذا ، تسللت إليّ فكرة اخري " يا لك من ضعيفة وحيدة .... ينهشك احتياج و لا
يبالي به الله . فلو كان يبالي ، ما كان تركك لتعاني منه ! "
و فحيح منفر يتخلل الكلمات .. ربما اشبه بما سمعته المرأة الأولي قديما .. حين تعرضت لتشكيك و غواية بأن تدبر أمرها بنفسها وتولي الله ظهرها ..
و هذه الأفكار المسممة تلبس غلاف لامع جذاب .. لكنها في الحقيقة تميت ..
و بينما يتلوي داخلي من الألم لهذه الأفكار ، اذا بصوت هادئ يهمس بي
" وأنا لست وحدي ، لأن الآب معي "
و شعرت و كأن كياني ينفلت من فخ كان يطبق علي قدمي و يشل حركتي ..
وكلما صدقت الصوت ، انفتح الفخ حتي انكسر تماما
لا أكذبك قولا . تمر عليّ أوقات مثل هذه و ابتلع الكلام المغلف تماما كما ابتلعت حواء من الثمرة ، و أولي الله ظهري و أنحيه جانبا وكأن لسان حالي يقول (اعرف كيف اتصرف . أعرف كيف أحل مشكلاتي بنفسي ؛ فطويلا انتظرت و لا شئ خارجيا يتغير .. "
وككل محاولات يسردها التاريخ منذ بدء الخليقة لفعل هذا الأمر ، تكون النتيجة ان تزداد الأمور سوءا ..
فياللسخرية .. ربما فعلت ذلك لأني أخاف علي نفسي ، فإذا بي أحيا في خوف تام يحيط بي كجلدي وأواجه عريي ، و حقيقة مؤلمة تدوي
في كل كياني بأني بالفعل وحيدة جدا ..أعاني خوف الانفصال و الاغتراب .. اردت الهرب من الخوف و الوحدة ، فغصت فيهما أكثر فأكثر …
لحظات ادرك فيها كم احتاج الي هذا الستر الدافئ .. الذي يغطي عريي
و يطمئن كياني