Sunday, 28 January 2024

البرد





لازمت المنزل ليومين متتاليين حتي الآن . نزلة برد غير مرحب بها فرضت عليّ راحة اجبارية و عزلة, اضطررت فيها ان اواجه نفسي وجها لوجه بدون أي مشتتات . 


 لطالما وجدت ان هذا هو الجانب الأصعب من المرض . لا أقلل من تعب الأعراض الجسدية لكني اعتقد بأن المواجهة الحتمية للمرء مع نفسه في الأيام التي تجبره الظروف فيها علي ذلك ، هي الجانب الأصعب من المرض . 


 يطالبني جسمي بالنوم ، حسنا ، أمر جيد

 فالنوم يهدئ عقلي قليلا .. 


 ثم يتنبه عقلي .. و ما ادراك ما معني انتباهه ! 

 تارة يفكر في مخاوف قادمة ، و ما أبرعه علي تخيل سيناريوهات مستقبلية و يبنيها الواحد فوق الآخر حتي تحيط عقلي بسياج اسود عالٍ و يغرقني في رثاء النفس و القلق …


 صوت رقيق يهمس بداخلي: "لا تهتموا بشئ ، بل في كل شئ بالصلاة و الدعاء مع الشكر لتعلم طلباتكم لدي الله . و سلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم و أفكاركم في المسيح يسوع " 

 و نور رقيق يتسلل ذلك السياج و يبدده تدريجيا كلما وجهت نظري نحو النور ، و ليس السياج …


 لانت ملامح وجهي قليلا و ارتسمت علامات ارتياح بعد ان كان متجهما .. 

و

 بينما انا في سكوني هذا ، تسللت إليّ فكرة اخري " يا لك من ضعيفة وحيدة .... ينهشك احتياج و لا 

يبالي به الله . فلو كان يبالي ، ما كان تركك لتعاني منه ! " 

 و فحيح منفر يتخلل الكلمات .. ربما اشبه بما سمعته المرأة الأولي قديما .. حين تعرضت لتشكيك و غواية بأن تدبر أمرها بنفسها وتولي الله ظهرها .. 

 و هذه الأفكار المسممة تلبس غلاف لامع جذاب .. لكنها في الحقيقة تميت ..


 و بينما يتلوي داخلي من الألم لهذه الأفكار ، اذا بصوت هادئ يهمس بي 

" وأنا لست وحدي ، لأن الآب معي " 

 و شعرت و كأن كياني ينفلت من فخ كان يطبق علي قدمي و يشل حركتي ..

وكلما صدقت الصوت ، انفتح الفخ حتي انكسر تماما 


 لا أكذبك قولا . تمر عليّ أوقات مثل هذه و ابتلع الكلام المغلف تماما كما ابتلعت حواء من الثمرة ، و أولي الله ظهري و أنحيه جانبا وكأن لسان حالي يقول (اعرف كيف اتصرف . أعرف كيف أحل مشكلاتي بنفسي ؛ فطويلا انتظرت و لا شئ خارجيا يتغير .. " 

 وككل محاولات يسردها التاريخ منذ بدء الخليقة لفعل هذا الأمر ، تكون النتيجة ان تزداد الأمور سوءا .. 

 فياللسخرية .. ربما فعلت ذلك لأني أخاف علي نفسي ، فإذا بي أحيا في خوف تام يحيط بي كجلدي وأواجه عريي ، و حقيقة مؤلمة تدوي

 في كل كياني بأني بالفعل وحيدة جدا ..أعاني خوف الانفصال و الاغتراب .. اردت الهرب من الخوف و الوحدة ، فغصت فيهما أكثر فأكثر … 


 لحظات ادرك فيها كم احتاج الي هذا الستر الدافئ .. الذي يغطي عريي 

و يطمئن كياني

1 comment:

  1. معبرة deeply ،،جميلة كالعادة

    ReplyDelete

صرخة سقوط

  إلهي ..  اليوم أشعر بمرارة ثمرة السقوط في حلقي  بعد أن جعلتها الحية شهية للنظر أمامي  الهي  أشعر ببعد شديد عنك و بانفصال  أشعر بذنب ثقيل  ...