امسكت هاتفي لأتصفح صفحتي علي الفيس بوك ، و اذا بي اصطدم بخبر انتقال احد الاحباء ..
لم اعرفه طويلا، لكن من المرات القليلة التي قابلته بها أحببته جدا . هو من الاشخاص الذين يخترقون القلب بسهولة . كلماته تفيض بحب غير معتاد . احتضنتني ابوته بقوله لي كل مرة قابلته فيها "أصلي لأجلك .. "
لمستني كلماته و استوقفني اهتمامه فقد كنت اعلم جيدا أنه في قمة اجهاده الجسدي في هذه الفترة و مع ذلك فقد وقف ليصلي من أجلي …
. كان الشيب يملأ رأسه و كنا نعلم انه يصارع منذ سنوات مع المرض اللعين ، ومع ذلك ، في كل مرة قابلته كان وجهه مضيئا . ملئ بلمعة من الحماس و التفاؤل . و صوته عالٍ …صوت محارب يأبي الاستسلام حتي لو كان في قمة الارهاق و علي شفا السقوط …
رحل لكنني أثق أنه يعيش بداخل عقل و قلب كل من تلامس مع أبوته و محبته ، وكل من رآه شامخا في صراعه ، و هو يعلمنا دروسا حية في الشكر و الجلد و المثابرة و العطاء و الابوة ..
لا انكر انني في كل مرة استقبل نبأ انتقال أحد الأحباء يصفعني خبر الموت صفعة تفيقني من الهائي ..
في حضرة الموت نصمت . كل الأشياء تبدو تافهة حينما نتواجه مع هذه الحقيقة .
في حضرة الموت ، نسمع أعلي صرخة تذكرنا بمحدوديتنا ، وكأن الظرف الراهن يصرخ عاليا ليذكرني كم أن أيامي زائلة ..
هي ظل .. بخار ، يظهر قليلا ثم يضمحل ..
فهل عمري الذي أحياه اليوم و غدا يترك حقا أثراً في نفوس من حولي ؟!
هل أحيا اليوم و لليوم فقط أم أجعل الأبدية أمام عينيّ ؟
لانه اذا كان لنا في هذه الحياة فقط رجاء فاننا اشقي جميع الناس !
هل اتوقف لاسمع تحذيراً في اعماق نفسي ..
(يا غبي .. في ليلة لا تعلمها تؤخذ نفسك منك .. فهذه التي بنيتها لمن تكون )
هذه …قصور احلام كانت تطمح في سعادة في هذه الحياة فقط… تتهاوي واحدا تلو الآخر …
و يتراءي لي من بعيد
نفسي و هي جاهلة
تمسك مصباحا مطفئا ولا تجد زيتا لتوقده
و قد فات الوقت لتبتاع زيتا ..
و أُغلق الباب
وهي لم تستطع الدخول …
و نفسي عطشي
تلهث من العطش … و تشتهي ان تبل فقط طرف لسانها
فقد شربت من ماء كل من يشرب منه يعطش أكثر فأكثر
و تركت ينبوع الماء الحي
و جرت لتحفر لها آبارا مشققة لا تضبط ماء ..
يثير فيّ حادث الموت استياءً من نفسي بسبب اهتماماتي الزائلة ، التي لا يسعني أحيانا سوي ان أصفها بالتفاهة !
كم من وقت أمضيه و أنا مهمومة من أشياء هي فانية .. في حسابات الموت هي لا شئ ..
و كم من وقت أمضيه و أنا ألهي نفسي المهمومة لانها لا تستطيع التعامل مع مشاعر الهم و مشاعر القلق و التوتر بأشياء أكثر تفاهة !!
يا الله
كم أحتاجك
لتساعدني أن أعيد حساباتي
و أري الأشياء علي حقيقتها ..
و الأهم ان أري نفسي علي حقيقتها ..
ففي نورك ينكشف ظلامها ..
كم أحتاجك لتساعدني أن اهتم بما هو مهم حقا ..
لأفيق من تيهاني و الهائي
..
حرب الالهاء قوية جدا في هذا العصر
لم تعد الخمر و المخدرات المعتادة فقط هي ما يذهب العقل ..
اصبحت ادماناتنا مختلفة و قد تتشكل من أشياء هي في حد ذاتها مشروعة و معتادة و يومية !
يا الله ..
نادِ نفسي العطشي التي لا ترتوي أبدا
امكث معي …
ارو عطشي
و اضرم لهيب محبتك في قلبي
لتحرق كل اهتمامات زائلة و باطلة
ذكرني بأنني مت عن العالم يوم اعتمدت ..
و ساعدني لأميت انساني العتيق و اصلبه معك كل يوم
ثبتني في حقك
و اجعلني ادرك بعمق عمل فدائك
و أحيا الحياة التي أردت لي أن أحياها ..
لقد جعلت أمامي الحياة و الموت .. البركة و اللعنة
ساعدني أن أختار الحياة ..
جميل
ReplyDeleteThank you 😊
Delete