Friday, 22 March 2019

"الزمن خير معلم "



في ركن بعيد هادئ جلست بمفردي ، لم أعد أخشي صحبة نفسي وأتحاشاها كما اعتدت ،  لقد تغير فيّ الكثير ، أكاد أشعر أنني أصبحت شخصا آخر  . 
توجد قوة تستمدها من مصادقة نفسك ، ومن مساندتك لها في أكثر الأوقات ألما ، يقال "إنك لا تعرف كم أنت قوي حتي يصبح كونك قويا هو الاختيار الوحيد الذي تمتلكه".


مررت مؤخرا بأيام مؤلمة في حياتي ، و تعرفت علي آلام في حياة آخرين، شاركوني ببعض تفاصيلها ، وكأنني فجأة  شعرت أن الحياة كشفت لي وجها آخر لها مخيف وقاتم ، فما نراه ملونا وجميلا ، وتلك الصور الضاحكة ما هي إلا قشرة خارجية خبأت ورائها الكثير مما لا نعلمه .

تنهدت طويلا -وكعادتي -في  كل مرة أتنهد فيها ، أتمني لو أمكن أن يأخذ هذا الهواء الخارج معه ولو بعضا من الثقل الذي بصدري وبعضا من الألم الذي أشعر به . 

من بعيد ، تأملت في الحياة ، فبدت كمسرحية هزلية سخيفة .... وجوه ضاحكة تدعي السعادة و تروج لها علي صفحات الانترنت ،وهم في الواقع تعساء. 
حياة دائمة الحركة والدوران ،  وكل واحد يتحرك منشغلا في دوائره :العمل ، الأسرة ، وغيرهما ، وبينما تتقاطع دوائرنا معا ، ونتشارك في أنشطة متعددة ، لكن ....هل تشاركنا وجدانيا ولو لمرة واحدة ؟! 
هل سمحنا لذلك الشخص المتألم بفسحة من حياتنا المكتظة بالمهام ويومنا المكدس، وتركنا له بعضا من الوقت فقط لنخبره بأنك لست وحدك فيما تمر به  ؟!  

بدت الحياة كسباق لنيل أهداف بدت لي تافهة وساذجة ، وضعناها وصرنا نلهث وراءها بكل كياننا ، وننظر لمن يركضون بجانبنا ويسبقوننا بخطوات ،
 وبإنجازات -كما نظن - ، ونتحرق شوقا لنصل لها مثلهم ، وكأن قيمة حياتنا تعتمد كليا علي هذه الأهداف .  لا أقلل من أهمية الأهداف في الحياة ، وأهمية السعي وراءها وبذل الجهد ، لكن ما يقلقني هو تأليه هذه الأهداف ، واختذال الحياة لتكون مجرد سباق لتحقيقها ! ، يا إلهي ، من أوجد فكرة السباق من الأساس ؟! لماذا هي منافسة ؟!

كان علي أن أبتعد لأدرك أنني لا أريد هذه المنافسة ، ولاأريد أن أكمل حياتي بهذه الطريقة ، وهو قرار صعب ، لأنه ضد طريقة الكثيرين للعيش ، ضد أفكار فئة كبيرة تقيس نجاح النفس بكم ما حققته من انجازات متعارف عليها ، شهادتك ، وظيفتك ، زواجك ، ممتلكاتك ، مظهرك  ، ... إلخ 

أشياء كثيرة تغيرت بداخلي بسبب ما اختبرته،
 ، أشعر أنني أحتاج أن آخذ الحياة بجدية أقل ، فقلقي المستمر لن يغير شيئا سوي إلحاق الضرر بي . 

بالنسبة للأهداف في الحياة ، أريد أن أسعي وراءها بغير أن أدعها تسيطر كليا علي حياتي ، لا أريد أن ترتبط قيمتي بتحقيق هذه الأهداف ، فقيمتي الحقيقية هي في كوني أنا ، مجردة من كل شئ ، فقط أنا لذاتي ، قيمتي الحقيقة هي في كيف يراني الله .

 ليست الحياة ميدانا للتنافس ، ليست سباقا . لكل منا دور ، ولكل منا طريق يختلف عن طريق الاخر . 
لسنا في هذه الحياة لنكون نسخا من بعضنا البعض ، أحتاج دائما أن أذكر نفسي بهذا .

أشعر أنني أحتاج أن أقدر وجود بعض الناس في حياتي وأظهر لهم ذلك ، قبل أن يضيع الوقت  و لا يكونوا بعد ! 
أشعر أنني أصبحت أشفق أكثر علي من يتألمون، وأود -لو أمكنني- أن أكون بجوارهم؛ لأنني أعلم جيدا كيف يكون الأمر عندما أواجه أمرا موجعا بدون مساندة ممن اعتبرتهم أصدقاء . 

وعلي ذكر الأصدقاء ، تعلمت جيدا أن لا أطلق هذا الاسم علي كل من كانوا معي في الأوقات المفرحة وحسب ، وتعلمت أن أخفض سقف توقعاتي من الجميع ، علي الأقل هذا يجنبني جزءا من الألم أنا في غني عنه . 

:يقول كاتب يدعي خورخي لويس
بعد فترة تتَعلَّم الفرقَ الواهِي بينَ الإِمساكِ بيد و بينٍ تكبيلِ روح، و تتعلَّم أنَّ الحُبّ لا يعنِي الإِتكاء و أنَّ الصُّحبة لا تعني الأَمان، وَ تبدأ بالتعلم أنَّ القُبل لا تعني اتفاقاتً مُبرمَة و أنَّ الهَدايا ليست وُعودًا و تبدأ بتقبُل هزائِمك مع رأس مرفوع و عينين مفتوحتين بِسموِّ إمرأة و ليسَ بحُزنِ طفلٍ، وتتعلم بناء كُلّ دُروبك على يومِك الحاضر لأنَّ أرضَ الغدِ غير جديرة بالثِقة بالنسبة إلى الخُطى، بعد فترة تتعلم أنَّ حتى أشعة الشَّمسِ تَحرق إذا بالغت في الاِقتراب لِذا تقوم بزرعِ حديقتك وتُزيّن روحِك بدلاً مِن انتظار شَخص ما ليحضر لك الزهور و تتعلم أنَّ بمقدورَك حقًا الاِحتمال.. أنَّكَ حقًا قوي وأنك تطوي قيمتَك بداخِلك وتتَعلم وتتَعلم، مع كلّ 
" وَداعٍ تتعلم   

تعلمت أن بعض الاحتياجات يشبعها البشر ، ولكن يبقي ذلك الجزء بداخلك الذي لا يشبعه أحد سوي الله . 
تعلمت أن أجعل الله شريكا لكل ما أمر به ، فهو كبرياء وحماقة أن أظل أعاني وأتألم بمعزل عنه ، أو أن أظن أنني أستطيع تدبير أموري بنفسي، دون الحاجة إليه  في شئ .

والحقيقة أنني  ممتنة لألم علمني في شهور ما لم أكن لأتعلمه في سنوات ، يقول جبران خليل جبران :"إن ما تشعرون به من ألم هو انكسار القشرة التي تغلف إدراككم ، وكما أن قشرة النواة الصلدة يجب أن تتحطم وتبلى حتى يبرز قلبها من ظلمة الارض الى نور الشمس ،هكذا أنتم ايضا يجب أن تحطم الآلام قشوركم قبل أن تعرفوا معنى الحياة "

وتظل الحياة تعلمني ، قال أبي منذ سنوات : "الزمن خير معلم " ، وكل يوم أتأكد من هذا .

Wednesday, 6 March 2019

"الدين أفيون الشعوب "


فيه جملة قريتها في كتاب قبل كده ومش  مفارقة دماغي أبدا  (الدين أفيون الشعوب
اللي قال الجملة واحد اسمه  كارل ماركس ، وهو مؤسس الشيوعية ، وبغض النظر عن الخلفية السياسية -اللي انا مفهمتهاش - والمصطلحات المكلكعة اللي لقيتها لما كتبت الجملة  عشان ادور اكتر عن معناها ، 
لكن ببساطة الجملة اخدوها نوع من الملحدين اتسموا الماركسيين (نسبة لصاحب الجملة ) ، ودول لا ينكروا وجود الله ، لكن بيقولوا إن الدين ده زي مسكن وشوية كلام حلوين بنقولهم للناس الغلبانة وحالها صعب عشان نهون عليهم حياتهم ،في وجود فئة تانية علي النقيض التام من الغني الفاحش (كان فيه طبقية شديدة في الوقت ده في المجتمع )،  فبالتالي الماركسيين رفضوا الله ، لأنه بالنسبة لهم شايف الوضع ده من عدم العدل و شايف آلام الناس اللي من الطبقة الفقيرة ومش بيعمل حاجة ....

أوقات كتيرة في وقت ألمي بتعدي الجملة ديه في بالي ، بتطلع من مكان كانت متخزنة فيه ويتسلط عليها النور ، وبيكون جوايا حوار داخلي زي شريط بيسف ومش مبطل ،( هو  صحيح انت يارب مجرد كلام ومشاعر حلوين بضحك علي نفسي بيهم ؟ ....سلام وهمي بطمن نفسي بيه ؟ وعود جميلة بقنع نفسي اني اصدقها واثق فيها واستناها بالرجاء ؟! واقع تاني مش فاهمة أبعاده ويبدو مجرد كلام قصاد واقع فعلي متشاف ومتعاش كل يوم ؟

لكن برجع واقول لنفسي .... ازاي تقولي كده بعد كل المرات اللي شفتيه فيها ...شفتيه بعمله وبمعجزاته ، هي فعلا معجزات؛  لأن ساعتها كانت خلصت كل الحلول وكل حاجة كان ممكن أعملها بإيديا...

مرة ماهر صموئيل أتكلم  وقال بما معناه إن الايمان بالرغم من الإثباتات الكتيرة اللي ممكن الواحد يقرأ عنها أو يسمعها من ناس  لكن فيه عنصر خبرة شخصية لكل واحد . 

و أنا ايماني أن ربنا مش هيسيب حد من غير ما يزوره زيارة شخصية لعالمه الشخصي وحياته الخاصة ، زيارة مش هيخطئ فيها أبدا ، يعني مش هيعرف ميشوفهاش ...وساعتها هيكون حر في اختيار أنه يصدق أو ميصدقش ...

والحقيقة أن من فترة للتانية بتشتد عندي المعركة ديه ، بين أفكار تشكك وأفكار إيمان ...
بين ثقة فيه ،وبين خوف وقلق واضطراب ..
معركة تبدو إن هي مش هتنتهي أبدا 
جويس ماير سميتها "معركة الذهن " وكتبت كتاب كامل عنها ..
وكانت بتستشهد في جزء منه  بكلام بولس الرسول  : "تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم ، لتختبروا ما هي إرادة الله الصالحة المرضية الكاملة " . 
ساعتها أيقنت إن المعركة فعلا هتكون مستمرة ، لأن تجديد الذهن مسيرة مش بتخلص ، هي أسلوب حياة بنبدأه ونكمل فيه ، وساعتها أيقنت بردو إن مش بمجهودي بس همشي في الطريق ده ، لأن إذا كان الله عايزنا نجدد أذهاننا من أجل إرادة ليه من حياتنا ، فهو ملزم إنه يمشي الطريق ده معانا ....

يمكن قائد المئة لخص كل الكلام وكل الحيرة والتعب من معركة الذهن  ديه لما قال جملة واحدة "أؤمن يا سيد ، فأعن عدم إيماني 
أعتقد إنه كان عايز يصدق فعلا بس جواه عشرات الأسئلة والمشاعر السلبية وعلي رأسها الخوف كانوا بيشدوه لورا ، فكأنه كان بيقول أنا عايز أصدق ومش عارف ،  فساعدني أصدق ! 

صرخة سقوط

  إلهي ..  اليوم أشعر بمرارة ثمرة السقوط في حلقي  بعد أن جعلتها الحية شهية للنظر أمامي  الهي  أشعر ببعد شديد عنك و بانفصال  أشعر بذنب ثقيل  ...