وبأن أحزان الصقيع..
تـطـارد الزمن الجميل "
لا ، ليس الطقس ...
يخبرني اكتئابي بأنصاف حقائق و يكذب في النصف الآخر ...
يخبرني بأن الجو كئيب و خال من الدفء و لن يتغير ، هكذا قلبك ، لن يجد دفء الحب أبدا
يخبرني بأني وحيدة ، إذا كنت فعلا وحدي بعيدا عن صحبة أحد
يخبرني بأن الأحلام ليست لي ، فما هو أمامك هو نفق مظلم ، مظلم فقط ...
يخبرني أن الجميع سعداء إلا أنا ، وهذا واضح في ضحكاتهم في الصور
و أن الجميع يتحرك إلا أنا
يغريني اكتئابي فأري صور الجميع ملونة و أري صورتي وحياتي بالأبيض والاسود
يخبرني اكتئابي بأن لا جدوي ، ووسواسي بتكالب معه ضدي ، فالخطوات الصغيرة لا شئ ، إما قفزات كبيرة وواضحة إما الانسحاب و عدم تكبد عناء المحاولة من الأساس ..
يحثني اكتئابي علي النوم ، فالسرير والغطاء أحن من عالم قاس أشعر فيه بصغري و عجزي و عدم قدرتي علي التأقلم و الدخول في النزاع و (إثبات نفسي) ، ذلك التعبير الذي استخدمه الكثيرون ...
كيف أثبت نفسي لآخرين إذا كنت أنا شخصيا لا أؤمن بها ولا أستطيع ان أثبت نفسي لنفسي !
يشجعني اكتئابي علي العزوف عن الطعام، فأفقد وزنا ، و تنهال علي التعليقات المتفاجئة " لقد فقدت وزنا " "تبدين متعبة " ..فأحزن أكثر ، فحتي شكلي الخارجي لا ينال استحسانا، وما أحوجني إلي الاستحسان ، فأحزن أكثر و أعزف عن الطعام ، وأدور في حلقة مفرغة لا أعلم حتي متي ...
رفعت راية الاستسلام منذ وقت قصير
وأعلنت أني أريد المساعدة
أعلنت عجزي عن مواجهة اكتئابي
وكانت أولي خطواتي هي الاعتراف بأني لا أستطيع التعامل مع هذا الوحش الذي هزمني ..
تعلمت أن الوحش هزمني لأني تركته يهزمني
تعلمت أن عدوي قوي ولكني أملك قوة لأتغلب عليه
القوة بالادراك ، والتصديق ، والقبول ، و الحب
في أحد الأيام ، حزنت بشدة ، كنت أبكي كالطفلة المرتجفة ، اختبرت أقصي حالات الحزن بمفردي ، أردت أن أتكئ علي أحدهم ، لم أجد وقتها سوي الحائط ... أردت أن أبكي في حضن أحدهم و أن أجد من يربت علي كتفي و يطمئنني ولو قليلا ، لم أستطع حتي وقتها أن أهاتف أحدهم ، كان الحزن قابضا علي أحبالي الصوتية و كان يشل تفكيري !
انهمرت الدموع وكأنها فيضان نهر هائج لم يعد لسد الكبت من قوة عليه ، ومع نزولها ، استطعت التقاط أنفاسي قليلا ..
قوة ما دبت بداخلي ، و عزمت علي تحويل طاقة حزني وغضبي لعمل أشياء ظللت لأيام أؤجلها في المنزل ، و حولت مسار تلك الطاقة بدلا من أن تعمل ضدي من الداخل ، جعلتها تتوجه لخارجي و دفعت نفسي لأتمشي ..
بينما أمشي ، صليت ، طلبت عونا احتجته لأني أشعر بضعف شديد ...
أبهرتني قدرة( الحق ) و (الحكمة ) علي الوصول لي ، عندما قررت أن أودع ساحة المنهزمين و أتحرك و أمسك بدفاعاتي بل و بأسلحة هجومي كذلك ... وعندما تقبلت ضعفي و لم أنتهر نفسي بسببه ..
روح الحق تكلم بداخلي و (ذكرني ) بحقائق قاومت بها أكاذيب اكتئابي و سأظل أقاوم . ..
أخبرني الحق بأن الشتاء مؤقت ، و إن طال ، فلابد أن يأتي الربيع
أخبرني الحق بأني لست وحدي ، وروح الحق هو بداخلي دوما ، أينما ذهبت ، و مهما اختلفت حالتي ، وسط صحبة أو بدونها ، في العمل أو في الفراش ...
"ارسل لكم معزيا ..يمكث معكم إلي الأبد "
أخبرني الحق بأن أعمق مخاوفي ، العزلة والوحدة ، قد قدم لها الله حلا منذ عهد طويل .. الله يهتم بأعمق مخاوفي ..
فليصمت الاكتئاب الكذاب ..لست وحدي ! وإذا لزم الأمر فعلي أن أهتف بهذه الحقيقة مرارا و تكرارا لتخرس صوت اكتئابي ..
أخبرني الحق بأن من حقي أن أحلم ، ولكن ما يهم حقا هو ليس أحلامي التي تطلق ذاتي العنان لنفسها و ترسم لها لوحات في مخيلتها ، فما هو مشبع حقا ، هو السير في طريق الحق أينما أخذني ، حتي وإن لم أدري إلي أين آتي و لم
أري ما هو قادم ..
ما يهم حقا ، هو أحلامي التي تتلاقي مع مشيئة الله ...
أحلامي التي أحلمها معه
أخبرني الحق أن رغبتي المحمومة في معرفة القادم والسيطرة علي الأمور هو أمان زائف أريد أن أصل إليه بمجهودي و اعتمادا علي ذاتي ، هو صورة من صور الكبرياء وعدم الخضوع ..
شجعني الحق علي التحرك ، بالرغم من التشكك وعدم الفهم الكامل، بالرغم من وجود تساؤلات بلا جواب ، شجعني أن أحيا اليوم بيومه و أعيش كل لحظة بلحظتها بدون أن يسلبها الاكتئاب مني و يحثني علي القلق علي تاليتها.
يحاول الحق جاهدا أن يجعلني أدرك فرادتي و بالتالي اختلاف طريقي عن طرق من حولي ، يخبرني أن المظاهر كثيرا ما تخدع. وأن السعادة الحقة في الداخل وليست في الصور، وأن السعادة اختيار علي أن أتحلي بالشجاعة الكافية لاختياره بالرغم من كل الظروف والمعوقات. ..
قررت أن أحارب اكتئابي ..حرب متعبة و لكني لم أعد أطيق الانهزام
سأواصل الصعود ...
وليذهب الاكتئاب إلي الجحيم ...
"تـعب يعلــمني..
بأن العدو خـلـف الحلـم..
يحيي النـبض في القـلـب العليل
سهر يعلـمني..
بأن الدفء في قمم الجـبال..
ولـيس في السفـح الذليل"
No comments:
Post a Comment