أحببت
الكتب منذ الصغر . نشأت علي قصص المكتبة الخضراء المثيرة التي أمتعت مخيلتي
وأثرتها .
لطالما
كنت طفلة حالمة ، تنسج ألوانا من المشاهد في مخيلتها و تلهو في عالمها المرسوم
بفرشاة الخيال . كبرت وكبرت الطفلة الحالمة معي كذلك . صحيح أنها صدمت بالواقع ، و
أصبحت أكثر تمييزا للخط الفاصل العريض بين ما هو حلم وما هو واقع ، إلا أنها ما
زلت بداخلي ، تحلم من آن لآخر .
أدركت أن علي أن أحب هذا الجزء مني ؛ فهو علي الأقل ينبض
بالحياة أكثر من غيره ! ، وهو ضروري ؛ لأنه علي الرغم من تباعد الحلم والواقع ،
إلا أن الكثير من الأشياء في الواقع كانت في بدايتها حلما أو فكرة في رأس أحدهم ،
وتحولت إلي واقع.
وبالعودة
للحديث عن الكتب ، لقد وقعت في حب القراءة عندما كبرت . حقا إن الكتاب جليس جيد ،
يؤنس الوحدة ، ويروي الشغف للمعرفة ، ينير العقل ، ويهدم حصونا من الجهل والأفكار
المشوهة بداخلنا . كما أن المعرفة من المتع المقلل
من قيمتها أمام متع أخري قد تكون أسهل ، كمشاهدة التلفاز.
بالقراءة
نعيش حيوات مختلفة ، فأنت تقرأ خبرات كاتب
ورؤيته للحياة ، وكلما قرأت ، كلما عشت حيوات كتاب
كثيرين ، ورأيت الحياة من
منظور كل منهم
يقول العقاد : " القراءة وحدها هي التي تعطي الانسان الواحد أكثر من حياة واحدة . لأنها تزيد هذه الحياة عمقا
وان كانت لا تطيلها بمقدار الحساب "
وقد
لاحظت أن كتابا تؤلمك قراءته هو كتاب يستحق القراءة فعلا ! . الوعي بمشاكلنا
الدفينة لأول مرة يكون كالضوء الساطع الذي يؤلم عينيك بعد نوم طويل ، لكنك تعتاده
مع الوقت ، ولا يصبح مؤلما أو مزعجا كما كان في البداية ،لكنه
يحثك علي النهوض من السبات العميق ،ويحفزك للتحرك.
و بالقراءة نكتشف مدي تشابهنا كبشر
"نقرأ لنعرف
أننا لسنا وحدنا."
ولاحظت
أيضا أن أكثر الكتب تأثيرا فيّ ، قد حفرت أجزاء منها في داخلي ، وهي تحيا من جديد
في مواقف مختلفة من الحياة ، تذكرني بهذه الحقيقة أو تلك ، وتنبهني لأمر ما
تعلمته. إنه حقا أمر عجيب ومثير !
لقد أثرت
الكتب فيّ بشكل كبير ، أكاد لا أصدقه في السنوات الاخيرة ، كما كانت عونا كبيرا في
وقت لم أجد فيه رفيقا . تدهشني قدرة (الحق ) -بأي وسيلة ومن أكثرها الكتب - علي
تشكيل كيان الإنسان الداخلي من جديد ، وجعله يري نفسه والحياة والآخرين بمنظور
مختلف.
"يموت
ببطء من لا يسافر، من لا يقرأ، من لا يسمع الموسيقى، من لا يعرف كيف يستخدم عينيه"
No comments:
Post a Comment