شاردة كانت ،هكذا رأيتها لأول مرة في حياتي
بدت كطفلة كبيرة ، لكن علي عينينها مسحة من الحزن الغريب.
تلاقينا ، بطريقة لم أستطع حتي هذه اللحظة أن أسبر أغوارها ، وكأنه تآلف الأرواح ، ارتياح الطفل الداخلي لكل منا للآخر ، وكأنه التوافق الموسيقي بين آلات تعزف في تناغم لحنا عذبا ، أضفي إلي الأجواء طربا ما كان لأي منهما أن يضفيه وحيدا ...
كان كلا منا يحتاج الآخر ، وفي احتياجنا هذا كان سر انجذابنا ، لقد شعرنا كأننا قطعتين خلقنا لإكمال أحدنا الآخر ، كقطع المكعبات التي لا تكتمل إلا باندماجها معا ..
نسينا في نشوة الحب ، أننا جزء صغير من صورة كبيرة وعالم أكبر ...
تلاقينا ، بطريقة لم أفهمها ، و لكنني أحببتها
أحببت اللحن الذي عزفناه سويا . أحببت معيتنا .أحببت صمتنا وحديثنا . سيرنا و سكوننا . توافقنا وحتي اختلافاتنا . أحببت مجادلاتنا التي كنا نعود بعدها أكثر قربا وتفهما ، أحببت وجودها . أحببت الحياة بعدها . وكأن العمر انقسم إلي الحياة ما قبل وجودها و ما بعده .
أحببت أن أكون رجلا يعيش من أجل قضية ، وكانت هي قضيتي . هدف حياتي الذي عشت من أجله ! ..
وربما كانت هذه هي مشكلتي الكبري .
لم يكن الحب هو المشكلة . كان الحب عذبا و جميلا . جعلني سعيدا بشكل لا أستطيع وصفه . لكن كانت المشكلة في جعلها هي الهدف . جعلت حياتي تدور حول هدف زائل ، ضاع الهدف ، وضعت معه ...
ضللت الطريق. وغدت الحياة جحيما بعد أن كانت جنة غناء . أصبح كل شئ مظلما وبلا طعم . فقدت قضيتي و فقدت أي أمل في ربحها ...
قصتي تشبه مئات القصص ، باختلاف أسباب فقدان القضية . قصتي قصة كثيرين ، بإسم الحب تعذبوا وعذابهم الحقيقي كان هدفا خاطئا. كان ضبط اتجاه حياتهم ببوصلة خربة ..
أكتب الآن ، وأنا أتذكرها . أتذكر أياما لم أذق فيها نوما . أتذكر غرقي في حزن عميق ويأس قاتم . أتذكر شعوري بتوقف الزمن والحياة . عجيبة مشاعرنا . قوة جبارة هي . يوما تجعلنا نسير أميالا من أجل المحبوب و بعدها بشهور لا نستطيع حتي مغادرة الفراش من أجل فراق هذا المحبوب !
أتذكر هذا ، ولكني الآن حر ..
حر من قيد هذا الحزن . حر لأنني أعدت ضبط اتجاهي . أعدت توجيه حياتي لأعيش لقضية وهدف وتعلمت درسي . ربما كان درسا صعبا و مؤلما ، لكنه
أنضجني...
منعطف خاطئ أخذته لكن حمدا لله أننا لا نضل تماما عند كل خطأ.
أصبحت أرحب بالحب ،في طريقي وليس هدفا في حد ذاته .