تعودت أن أحزن كلما كنت علي وشك الرحيل ، تعودت أن أكره الوداعات وأحضان وقبلات الوداع قبل السفر ،
لكن بعد فترة ، تعودت أن الوداع لا مفر منه ، أن بقاء الأمور علي حالها محال .وكأن الحياة كانت تعلمني أن درس الوداع -علي الرغم من صعوبته- فهو مقرر علي الجميع وضروري ، فحتي أنا سأغادرها يوما ما .
ليس كل ما هو محزن هو سئ ، ليس كل ما نكرهه هو ضار لنا .
وكأن الحياة كانت تعودني الترك ، أن أتعود إرخاء رباطاتي بالأشياء وبالأشخاص بل وحتي قطعها نهائيا -إن لزم الأمر-
وضعني الله في مواقف واجهت فيها اعتماديتي مواجهة صريحة وجها لوجه ، وتكشف لي خلالها مقدار حجمها . قالت إحدي المحاضرات يوما أننا ينبغي أن نعود أنفسنا علي احتمال المشاعر السلبية ، وكلما زاد احتمالنا لها ، كلما قلت سطوتها وهيمنتها علينا . يبدو الأمر محيرا لوهلة ، فكأنها تقول : إذا أردت أن تكون قويا بحق ، عليك أن تختبر الضعف بعمق ! .
وعليه ، عدت إلي ساحة الحياة بذهن مجدد وبنظرة مختلفة للأمور ، فعلي أن أدرب نفسي أن الحزن ليس بالضرورة ضيف ثقيل أفعل كل ما بوسعي لأتحاشي وجوده ، أو أن الخوف وحش زائر أفعل ما يمكنني لأتجنب صوته العالي .
لم يكن الأمر سهلا أبدا ، ولن يكون . لكنه طريق يستحق المضي فيه قدما . إنه طريق التحرر من قيود الاعتمادية . طريق نحو الحرية ، نحو النضوج ، نحو الصورة الأصلية الحقيقية التي سأكون عليها بعد أن تسقط كل أغلفة ذاتي المزيفة . طريق تجديد ، وتغيير . طريق قد أظن أنني أسيره وحيدة ، لكن كيف للصورة أن تعود إلي الأصل وتجده ، مالم يجذبها الأصل إليه .....
No comments:
Post a Comment