Saturday, 15 December 2018

نحو الأصل



تعودت أن أحزن كلما كنت علي وشك الرحيل ، تعودت أن أكره الوداعات وأحضان وقبلات الوداع قبل السفر ، 
لكن بعد فترة ، تعودت أن الوداع لا مفر منه ، أن بقاء الأمور علي حالها محال .وكأن الحياة كانت تعلمني أن درس الوداع -علي الرغم من صعوبته- فهو مقرر علي الجميع وضروري   ، فحتي أنا سأغادرها يوما ما . 

ليس كل ما هو محزن هو سئ ، ليس كل ما نكرهه هو ضار لنا .
 وكأن الحياة كانت تعودني الترك ، أن أتعود  إرخاء رباطاتي بالأشياء وبالأشخاص بل وحتي قطعها نهائيا -إن لزم الأمر- 
وضعني الله في مواقف واجهت فيها اعتماديتي مواجهة صريحة وجها لوجه ، وتكشف لي خلالها مقدار حجمها . قالت إحدي المحاضرات يوما أننا ينبغي أن نعود أنفسنا علي احتمال المشاعر السلبية ، وكلما زاد احتمالنا لها ، كلما قلت سطوتها وهيمنتها علينا . يبدو الأمر محيرا لوهلة ، فكأنها تقول : إذا أردت أن تكون قويا بحق ، عليك أن تختبر الضعف بعمق !  . 

وعليه ، عدت إلي ساحة الحياة بذهن مجدد وبنظرة مختلفة للأمور ، فعلي أن أدرب نفسي أن الحزن ليس بالضرورة ضيف ثقيل أفعل كل ما بوسعي لأتحاشي وجوده  ، أو أن الخوف وحش زائر أفعل  ما يمكنني لأتجنب صوته العالي . 

لم يكن الأمر سهلا أبدا ، ولن يكون .  لكنه طريق يستحق المضي فيه قدما . إنه طريق التحرر من قيود الاعتمادية . طريق نحو الحرية ، نحو النضوج ، نحو الصورة الأصلية الحقيقية التي سأكون عليها بعد أن تسقط كل أغلفة ذاتي المزيفة . طريق تجديد ، وتغيير . طريق قد أظن أنني أسيره وحيدة ، لكن كيف للصورة أن تعود إلي الأصل وتجده ، مالم يجذبها الأصل إليه .....

No comments:

Post a Comment

صرخة سقوط

  إلهي ..  اليوم أشعر بمرارة ثمرة السقوط في حلقي  بعد أن جعلتها الحية شهية للنظر أمامي  الهي  أشعر ببعد شديد عنك و بانفصال  أشعر بذنب ثقيل  ...