Sunday, 27 December 2020

يا الله ..ألا تسمع ؟!






 ...عزيزي الله 
تصدعت كل جدران الأمان الزائف من حولي 
اشتد الكرب 
 تعالت حولي أصوات النحيب من فقدان الأحبة 
وتعالت التأوهات من شدة الإعياء والمرض ..

ألا تسمع الصرخات ؟ 
أليس الصوت عال بدرجة كافية  لتحرك يدك ؟؟
كما سمعت تأوه شعبك قديما في مصر و صعد أنينهم إلي أذنيك .

ألا تأتي لتنقذنا؟! 
أربعمائة عام يارب من الصراخ تأنيت فيهم حتي سمعت أخيرا ! 
أربعون عاما لموسي ..هارب في الصحراء ..حتي يشرع في ما دعي إليه. ..
أربعة أيام حتي أنتن الميت ..لتأتي وتقيمه ! 

والكثير الكثير غيرها  من أوقات الانتظار الطويلة. ...
عجيبة هي حكمتك في مواقيتك  و بعيدة جدا جدا عن فهمي وإدراكي ...

...يا الله ..
...معذبة أنا..
بين أحزان تقبض علي روحي و تمرر نفسي
وبين إيمان لا أعرف مكانه تحديدا في كياني ، لكنه يخبرني بأنك موجود ،
 تعلم ، وتعمل ، وتئن معنا .. 
ترثي لضعفنا ... 
و ستخرج من الجافي حلاوة... 

وبين (كيف ) و (متي ) و ( لماذا ) وأخواتهم .. 
ينهشون عقلي ...
اخترت الاختباء فيك...
بلا إجابات شافية  ، تسكن عقلي 
وبلا ضمانات ملموسة ، تطمئن نفسي
اخترت أن أمشي معك .. متقلقلة وثقيلة الخطوات ولكن ثابتة القلب... فيك 

"إنه من إحسانات الرب أننا لم نفن . لأن مراحمه لا تزول  هي جديدة في كل صباح . كثيرة أمانتك . نصيبي هو الرب قالت نفسي  . من أجل ذلك أرجوه . .طيب هو الرب للذين يترجونه للنفس التي تطلبه
   جيد أن ينتظر الإنسان و يتوقع بسكوت خلاص الرب .جيد للرجل أن يحمل النير في صباه . يجلس وحده .
ويسكت لأنه قد وضعه عليه ..
لأن السيد لا يرفض إلي الأبد فإنه ولو أحزن يرحم حسب كثرة مراحمه . لأنه لا يذل من قلبه و لا يحزن بني الإنسان " 
(مراثي أرميا 3 : 22 ) 
 

Friday, 25 December 2020

عزيزي الله




... عزيزي الله  

في محاولة جادة لألملم شتات نفسي وسط أفكاري ومشاعري المضطربة، قررت أن أكتب إليك ، عل الكتابة تساعدني أن أمسك ببعض الخيوط  وسط متاهات عقلي 

..عزيزي الله

نفسي تئن بداخلي 

 "كل الخليقة تئن " .

ارواحنا تئن ، وسط المرض والموت و الاضطراب والقلق والخوف

وأمام ضعفنا الإنساني وعجزنا .. 

 ...يا الله  

لا يكف عقلي عن القلق عمن أهتم لأمرهم ..

لا يكف عقلي عن التفكير  بأن حياتي متعطلة ، و بأن أحلامي مؤجلة لأجل غير مسمي ..

يخبرني عقلي في نهاية كل جولة قلق ، أن أكف عن الحلم !  فقط انجي بنفسك ، لليوم ، ولليوم التالي ، وهذا الأسبوع فقط ، وهذا الشهر .. وهكذا ... 

وأنا عالقة ، بين ما أريد أن أفعله اليوم و يشلني عقلي وقلقه عن فعله ، وبين ما أحلم به و يدفعني عقلي عنه دفعا بجملة واحدة "انظري حولك .. فقط انجي اليوم ! " 

يا الله .. 

يظل الخوف يطاردني أينما ذهبت ! 

عزيزي الله .. 

ماذا نفعل ؟! 

"نحن لا نعلم ماذا نعمل  ولكن نحوك أعيننا " 

ربما تكشف لي من الواقع حولي ، كم أنا ضعيفة ومحدودة وكم أحتاجك .. 

ربما تكشف لي عجزي التام عن تغيير ما لا أستطيع تغييره .. 

"أعطني السكينة لأتقبل ما لا أستطيع تغييره   ، والشجاعة لأغير ما أستطيع تغييره ، والحكمة لمعرفة الفرق بينهما "

عزيزي الله... 

حقا أشعر بالعجز و التيه حينما أقرأ "افرحوا كل حين في الرب وأقول ايضا افرحوا ..

لا اجد بداخلي سوي كلمة واحدة يا الله تردد بقوة .."كيف " !! 

مازلت اريد أن أفهم كل شئ .مازلت اريد أن اختبرك بعقلي و أنفذ ما تقول بعقلي ! .. 

مر عقلي أن يهدأ 

كما أمرت البحر الهائج أن يهدأ 

فهدأ الموج وصار هدوء عظيم 

أؤمن أنك تستطيع أن تهدئ امواج أفكاري المضطربة ..

أؤمن أن سر حضورك ، روحك القدوس بداخلي ، قادر أن يقوم بعمل سرائري ، لا أفهمه بعقلي ، لهذا سمي "سر  ..

لا أعلم كيف .. ولا أعلم متي.. يتغير ما هو من خارج 

ولكني أعلم أنك تعمل ..بداخلي ..

"ليكن حلمكم معروفا عند جميع الناس ..الرب قريب " 


Saturday, 12 December 2020

ليذهب الاكتئاب إلي الجحيم








الطقس هذا العام ينبئني ، بأن شتاء أيامي طويل
 وبأن أحزان الصقيع..
تـطـارد الزمن الجميل "

لا ، ليس الطقس ...

يخبرني اكتئابي بأنصاف حقائق و يكذب في النصف الآخر ...
يخبرني بأن الجو كئيب و خال من الدفء و لن يتغير ، هكذا قلبك  ، لن يجد دفء الحب أبدا
يخبرني بأني وحيدة ، إذا كنت فعلا وحدي بعيدا عن صحبة أحد 

يخبرني بأن الأحلام ليست لي ، فما هو أمامك هو نفق مظلم ، مظلم فقط ...

يخبرني أن الجميع سعداء إلا أنا ، وهذا واضح في ضحكاتهم في الصور 
و أن الجميع يتحرك إلا أنا 

يغريني اكتئابي فأري صور الجميع ملونة و أري صورتي وحياتي بالأبيض والاسود 

يخبرني اكتئابي بأن لا جدوي ، ووسواسي بتكالب معه ضدي ، فالخطوات الصغيرة لا شئ ، إما قفزات كبيرة وواضحة إما الانسحاب و عدم تكبد عناء المحاولة من الأساس .. 

يحثني اكتئابي علي النوم ، فالسرير والغطاء أحن من عالم قاس أشعر فيه بصغري و عجزي و عدم قدرتي علي التأقلم و الدخول في النزاع و (إثبات نفسي) ، ذلك التعبير الذي استخدمه الكثيرون ...
كيف أثبت نفسي لآخرين إذا كنت أنا شخصيا لا أؤمن بها ولا أستطيع ان أثبت نفسي لنفسي ! 

يشجعني اكتئابي علي العزوف عن الطعام، فأفقد وزنا ، و تنهال علي التعليقات المتفاجئة " لقد فقدت وزنا " "تبدين متعبة " ..فأحزن أكثر ، فحتي شكلي الخارجي  لا ينال استحسانا، وما أحوجني إلي الاستحسان ، فأحزن أكثر و أعزف عن الطعام ، وأدور في حلقة مفرغة لا أعلم حتي متي ...



رفعت راية الاستسلام منذ وقت قصير 
وأعلنت أني أريد المساعدة 
أعلنت عجزي عن مواجهة اكتئابي 
وكانت أولي خطواتي هي الاعتراف بأني لا أستطيع التعامل مع هذا الوحش الذي هزمني .. 

تعلمت أن الوحش هزمني لأني تركته يهزمني 
تعلمت أن عدوي قوي ولكني أملك قوة لأتغلب عليه 
القوة بالادراك ، والتصديق ، والقبول ، و الحب 

في أحد الأيام ، حزنت بشدة ، كنت أبكي كالطفلة المرتجفة ،  اختبرت أقصي حالات الحزن بمفردي ، أردت أن أتكئ علي أحدهم  ، لم أجد وقتها سوي الحائط ... أردت أن أبكي في حضن أحدهم و أن أجد من يربت علي كتفي و يطمئنني ولو قليلا ، لم أستطع حتي وقتها أن أهاتف أحدهم ، كان الحزن قابضا علي أحبالي الصوتية و كان يشل تفكيري ! 

انهمرت الدموع وكأنها فيضان نهر هائج لم يعد لسد الكبت من قوة عليه ، ومع نزولها ، استطعت التقاط أنفاسي قليلا .. 

قوة ما دبت بداخلي ، و عزمت علي تحويل طاقة حزني وغضبي لعمل أشياء ظللت لأيام أؤجلها في المنزل ، و حولت مسار  تلك الطاقة بدلا من أن تعمل ضدي من الداخل ، جعلتها تتوجه لخارجي و دفعت نفسي لأتمشي .. 

بينما أمشي ، صليت ، طلبت عونا احتجته لأني أشعر بضعف شديد ...
أبهرتني قدرة( الحق ) و (الحكمة ) علي الوصول لي ، عندما قررت أن أودع ساحة المنهزمين و أتحرك و أمسك بدفاعاتي بل و بأسلحة هجومي كذلك ... وعندما تقبلت ضعفي و لم أنتهر نفسي بسببه ..

روح الحق تكلم بداخلي و (ذكرني ) بحقائق قاومت بها أكاذيب اكتئابي و سأظل أقاوم . ..

أخبرني الحق بأن الشتاء مؤقت ، و إن طال ، فلابد أن يأتي الربيع 

أخبرني الحق بأني لست وحدي ، وروح الحق هو بداخلي دوما ، أينما ذهبت ، و مهما اختلفت حالتي ، وسط صحبة أو بدونها ، في العمل أو في الفراش ... 
"ارسل لكم معزيا ..يمكث معكم إلي الأبد "

أخبرني الحق بأن أعمق مخاوفي ، العزلة والوحدة ، قد قدم لها الله حلا منذ عهد طويل .. الله يهتم بأعمق مخاوفي ..
فليصمت الاكتئاب الكذاب ..لست وحدي  ! وإذا لزم الأمر فعلي أن أهتف بهذه الحقيقة مرارا و تكرارا لتخرس صوت اكتئابي ..

أخبرني الحق بأن من حقي أن أحلم ، ولكن ما يهم حقا هو ليس أحلامي التي تطلق ذاتي العنان لنفسها و ترسم لها لوحات في مخيلتها ، فما هو مشبع حقا ، هو السير في طريق الحق أينما أخذني ، حتي وإن لم أدري إلي أين آتي و لم 
أري ما هو قادم ..
ما يهم حقا ، هو أحلامي التي تتلاقي مع مشيئة الله ...
أحلامي التي أحلمها معه 

أخبرني الحق أن رغبتي المحمومة في معرفة القادم والسيطرة علي الأمور هو أمان زائف أريد أن أصل إليه بمجهودي و اعتمادا علي ذاتي ، هو صورة من صور الكبرياء وعدم الخضوع ..

شجعني الحق علي التحرك ، بالرغم من التشكك وعدم الفهم الكامل، بالرغم من وجود تساؤلات بلا جواب ، شجعني أن أحيا اليوم بيومه و أعيش كل لحظة بلحظتها بدون أن يسلبها الاكتئاب مني و يحثني علي القلق علي تاليتها. 

يحاول الحق جاهدا أن يجعلني أدرك فرادتي و بالتالي اختلاف طريقي عن طرق من حولي ، يخبرني أن المظاهر كثيرا ما تخدع. وأن السعادة الحقة في الداخل وليست في الصور، وأن السعادة اختيار علي أن أتحلي بالشجاعة الكافية لاختياره بالرغم من كل الظروف والمعوقات. .. 

قررت أن أحارب اكتئابي ..حرب متعبة و لكني لم أعد أطيق الانهزام 
سأواصل الصعود ...
وليذهب الاكتئاب إلي الجحيم ...

"تـعب يعلــمني..
بأن العدو خـلـف الحلـم..
يحيي النـبض في القـلـب العليل
سهر يعلـمني..
بأن الدفء في قمم الجـبال..
ولـيس في السفـح الذليل"

صرخة سقوط

  إلهي ..  اليوم أشعر بمرارة ثمرة السقوط في حلقي  بعد أن جعلتها الحية شهية للنظر أمامي  الهي  أشعر ببعد شديد عنك و بانفصال  أشعر بذنب ثقيل  ...