كنت كلما هدأ الضجيج المعتاد من حولي ، وعدت إلي نفسي ، اكتشفت حاجتي الشديدة إلي أن أستكين إليها و أؤلف صحبتها ؛ فأنا معي في كل وقت ، وأنا من يتبقي لي في نهاية كل يوم
...لكن
...في سكون الليل
تئن وحدتي أنين مزعج بعد أن نجحت الضوضاء المعتادة و الانشغالات اليومية في التغطية علي صوتها..
من هنا ومن هناك ،يوجد ضجيج مستمر ..
ضجيج السيارات ، ضجيج الباعة ، المارة ، الأعمال ، الأحاديث ..حتي ضجيجي الداخلي بأفكاري ومشاعري الأخري أحيانا ...
أما الوحدة فيسمع صوتها في الليل أقوي وأوضح ، أو أحيانا في بداية اليوم ، أو في لحظات السكون و الفراغ والصمت و عدم الاختلاط بالناس .
أنين مزعج وكأنه يكبر في داخل جوفي بدون أن أدري حقا مصدره و أين يقبع و كيف أسكته..
رغبة في الاحتضان تهاجمني حتي في وسط يومي ..
أكره ضعفي و احتياجي وأكره الاعتراف بهذا .
أكره هذا الأنين المزعج والجوع الذي يأبي أن يشبع بشتي الوسائل
أكره حدته في أوقات عزلتي ..
هو جوع يدفعني للسعي نحو المطلق ؟ نحو الله؟
ألتمس وجه الله غالبا ، وأصلي
ولكن حتي في مسعاي هذا أواجه صوتا مزعجا يتردد بعقلي : "حتي مسعاك الروحي مريض ، فما زال الأنين الداخلي لوحدتك و جوعك عال ومؤلم " !
ماذا أفعل ؟!
هل مقدر للإنسان أن يشقي و يصارع دوما معاركه الخفية في الحياة بهذا الشكل ؟
ماذا علي أن أفعل ؟
أين أخطأت وأين أصبت ؟
هل أتأمل دواخلي بشكل مبالغ فيه ؟
هل أفرط في الشك في نفسي وفي مسعاي ؟
هل ينتهي الصراع ؟
هل أصمد ؟ ...